المسرجاتُ تنوحُ من تعبٍ |
ويشربُ زيتَها الليلُ المعلّقُ في مطارات السهر |
المسرجات الخضرُ نازفةٌ |
كأنّ الارض تنتظرُ الزلازل |
والرّياح تمتدُّ أدرعَها وتعتصر القمرْ |
المسرجاتُ.. مشارقُ الارض القديمة في مغاربها |
وإرثُ النيلِ.. من زمن العناصر |
تستحلُّ الرمل، تسكنُ في مواجعه وتنتظرُ المطر |
وضع الغزاةُ عليه ميسم حقدهم |
وتراكبوا كُتلاً |
يمدون العيون إلى منابعه النَّبيلة |
يزحفون من الشّمال إلى الجنوب |
يمزقون هوى البراعم، ينقشون على الحجر |
اشعار هولاكو، وعزرا باوند الفاشيِّ |
يبتكرون سرَّ العمق في لغة الثقافة |
منهج الموتى، واوراق البصائر، وانفعالات النفُّوس |
جاء الغزاة الفاتحون |
قرينهم في الغزو كان الكركدن |
يعوم في بطر النعومة |
من حرير العشب والازهار |
للشفق المعلق في جسور الغيم |
يفترع الشموس |
المسرجات اقامها الفقراء |
تلقفُ سوء مايلقون |
تنهض في مدارعها سيوف الحنطة السمراء |
والرّاياتُ والجببُ القديمةُ والبنادقُ والفئوس |
وقف الغزاة على توابيت المكوك يسائلون الرَّمل |
ان تتكلم الارماسُ |
أن يتوهَّج التبر المخدّدُ في عروق الصخر |
أن تلد الغيوم |
أطياف أرتال الضواري في سدود النَّهر والأُشنات |
إن الارض تبتلعُ المياه وإنَّ أوصال النُّجوم |
يختارُها الحرَّاسُ للذكرى.. ممزقة |
وأوصال الكتابة عن رؤى التاريخ |
ينقُشُها الشيوخُ على الصدور.. |
تؤولُ من رئة إلى رئةٍ ويكشفُها الزَّمان |
المسرجات منازلٌ في الرّيح |
تنتظرُ الحلولُ.. يسوقُها أبدٌ ويوقفها رهان |
المسرجاتُ منازلُ الظّل القديم |
قصائدُ المشاج والاسرار |
بين علائق الارث الكريم |
يمجُّ حسوتها الرّشا ويُسيغُها الحذرُ المهان |
المسرجاتُ مسيرُ الفكر الجديد |
من الزّمان إلى المكان |
وقف الرّجالُ على شفا النيران |
في عرصاتها الحمراء |
يستلمون اردية الدُّخان |
ويُردّدون... |
الموتُ أولى بالذين يسافرون مع البراءة |
في دم الذكرى وأطياف القصائد |
والتواشيح الحزينة والغناء المستهام |
يا أيُّها الأخيارُ.. |
كم في الهول والاصرار تحترقون.. |
والزّمنُ المعلّقُ فوق اعيننا يُطارحُنا الكلام.. |
والمنطق الموروث.. من سَنَةِ المجاعة والمواقيت الحرام |
يا أيُّها الأخيارُ... |
نحن على المواقف مات أوّلنا |
ومازلنا هنا نبكي.. |
ولا نجدُ الوصية بين اوراق الرّخام.. |
الباحثون تلفعوا بالخوف |
والاسرار غامضةٌ |
وكل سقيفة كانت لنا، دار الزمان فأصبحت للريح |
والرمل الكثيف وهمهمات العارفين.. |
والسائحون علي الشواطئ يفتلون الصمت والكذب الجديد |
يقايضون روائع الاشعار بالصور القبيحة |
والعطور الزائفات وذكريات الراحلين |
حتى إذا نفر الصباحُ من الخطوطِ الكالحاتِ |
ترنّحَ الحلفاءُ مرتعدين |
وارتفعت صخورُ النّهرِ حتي حازت الأفقَ البعيدَ |
فهبَّت الأشياءُ تركضُ |
في الشُّعاعات الأخيرةِ |
من نهايات السنين إلى بدايات السنين |
الأنَ يعرفُ كلُّ منتصرٍ بأنَ النصر مسرجةٌ |
وأنَّ الأرض ميراثٌ تحدّد للعباد الصالحين... |
المسرجات تعود |
يُشعلُ زيتها الأغيارُ |
من قمر السقيفة تِهطلُ الأنوار |
يبتدئُ المسير.. |
يا أيها المجبولُ من ورد النّهار |
عرفت أنَ المجدّ للشُهداء والشُّعراء |
واللغة الجديدة والمواقف والحضور |
يا أيُّها السَّاعي بريح الرَّمل حين وقفت |
تنفض عن كواهلك الصّدى المحروق |
أين تركتنا وصعدت نحو الشّمس |
تمتشقُ الجسارة والتوهُّج |
في مدارات العصورْ.....؟ |
«2» |
طالعٌ في النيل |
مغسولٌ بماء الشمس |
أرفع للجموع قصيدتي وأقولُ |
إنيّ جئتُ من مشلوخة الخدّين |
كان أبي نشيد الحُبِّ في شفة العذوبة |
يا صباح المجد علّق نخلتين من الجريد المستهام |
وقل لمن يدعوك إن عديلة الاحرار كانت من دم الشهداء |
أغنية الزمان |
وُلد الهُدى... |
وولدت يا وطناً بطعم الجرح |
في وتر الهوى |
يا عزُّ إنّي في هواك مُمزّقُ المعنى |
ومبتورُ اللسان |
كيف الوصولُ إلى ديارك والدّخيلُ الافعوان |
يتوسّدُ المرقى |
ويتّخذ المجرَّة سُلُّماً ويمدُّ أعمدة الهوان..؟ |
للطالعين إليك احساس الهوى |
إنَّ الهوى قاس.. |
ونحن السائرين من الجزيرة والشمال المستفيق |
علي البراءة والجنوب البكر، والبحر المُدمِّي |
والرمال الصاعدات تُسبح المولي |
لتعلن: ان في الموت الحياة |
فتشرق الدنيا وتشتعل اليدان |
بقداسة العلم المفدي.. ولجمال الحق.. والذكر اليقين |
ومسرجات النُّور واللالوب.. والقيم النبيلة |
والفصاحة والبيان |
يا عزُّ إنّا في هواك جبالُ هذا الكون.. |
نرفع للذين يصادقون الحُبَّ |
نشهرُ للذين يُخاصمون الموت |
ترسلُ نبلنا لصدورهم.. |
والشمسُ شاهدةٌ تُؤكِّدُ أنَّ مُرتهن الرهان |
هُم هؤلاء |
الطالعون عشية الميلاد |
من كلِّ المحارق، والحقول الخُضر والمحن الرهيبة |
والحرائق والدُّخان |
يزهون في الدَّمور.. |
يستلمون شارات الهدى |
يا عز ان مشيئة الاحرار ليس يعوقها بشر |
وهذا الدهرُ يشهدُ |
والتواريخُ المضيئةُ |
والحوادثُ والزمان |
إنا بنوك الناصروك من المكاره والهوان |
والنيلُ كان أباً لكلِّ مناضلٍ |
ياعزُّ |
كانت مسرجاتُ النور تشهقُ |
والمناسيبُ السخيَّةُ تغمرُ الدنيا |
وتنطلق الوجوهُ السمرُ ترفع راية الإيمان |
ثمّ يُهوّم المعنى |
وتنعتقُ النفوسُ الخَضرُ خاشعةً |
وينهمرُ الاذان . |